بنود الموقع
عضوية الموقع

احصائيات الموقع

عدد الزوار   
2500
عدد الصفحات   
56
عدد الزيارات   
813296


جديد الموقع: الفاضحة !!
جديد الموقع: عجبا رأيت !!
جديد الموقع: سَذاجَةُ فراشَة
جديد الموقع: عبرة لأولي النُّهى

مقالات

عجبا رأيت !!

.
نشر بتاريخ الأحد, 17 كانون1/ديسمبر 2017 01:07

عَجبا رأيتُ!!

      رأيتُ فيما يرى النائمُ أنّ أحدَ معارفي المتميزين اعتلى مكانا مرموقا في ذاك البلد! وكان نصرًا مؤزرا.. وقلتُ لقد رمينا الباطل والفسادَ بسهم لا قِبل له به، وسينالُ منهم مَقتلا  لا محالة..

ما كادَت الفرحة تتم حتى سمعنا أنه اعتزل !!..

 

     كادَ له الأشرارُ فزرعوا في مكتبه حُورية تُغريه وتصوّر له مقاطع تُقطع من مكانته و تحطم  سمو أخلاقه ونزاهته وتُسوّد تاريخه المشرق! فكان ما كان، وارتدّ السّهم إلى أكبادنا.. وكانت صَفعَةً مُدوّيةً بقيَتْ أطلالها على الوُجوه رَدْحا من الزّمن .. غابَ وغابتْ أخبارُه، وما استطعتُ أن أتخيل كيف يَقضي ذُلّ نهاره ولَيله.. كان أقسى المُعاقبين الجالدين لنفسه.. كانت فرصة سانحة لأهل الثأر والهوى ليَنهشوه جُثّة ولا أحد يُحرّكُ ساكنا.. وقايضوه بين الاعتزالِ والتّشهير فاعتزل.. غربتْ شمسُهُ ودخلَ النّفق!!  كمْ كنتُ مُتألما على انكسار ذلك السّهم المتين.. تحسّست أخبارَه فقيل: مع جماعة التبليغ.. وكيفَ يعيش؟ قالوا: يُتاجرُ بالعسل! وأين لتلك المرارة مِن هذا العسل!! عَزّ عليّ حاله ولم أقْنع بأن تكون هذه نهايته.. وصَعُبَ عليّ تقبلُ الهزيمة.. ونفرة الناس والمقربين! عنه..

       وبينما كنتُ أصلي الظهرَ في أحد المساجد وإذا به هو.. أقبلتُ عليه بحرارة الصّديق الحميم، وسلمتُ عليه سلام المحبين المخلصين، وبالغتُ في تكريمه أكثر مما اعتاد مني.. وتجاذبت معه أطراف الحديث فكان قليل الكلام، يُكثر حمد الله على نعمائه.. دعوتُه لنتناولَ الغداء فأبى؛ أصبح يتحرجُ من لقاء معارفه.. أصَرّيت عليه فتعذر بأن جماعته التبليغيين في المسجد لا يسمحون له، فدعوتُهم جميعا، فأبوا.. لم أستطع العودةَ بغيره.. لقد كانت فرصتي لأعبّر فيها عن مبادئي وأصالتي ما أحببتُ أن أفَوّتها.. أصرّيت على أخذه وانتزعتُه منهم وذهبتُ به مُبجِّلا مُكرِّما!!

      وسُرعان ما تعجبتُ من نفسي.. ونكِرْتُها.. أتكرمُه وقد فعل ما فعل؟ أليسَ الأصل أن أكتبَ كما كتبوا: (هاشتاق: فلان لا يمثلني!!) لعلي أحبُ الفحشاء والمنكر! لعلي لا آبه بارتكاب المعاصي التي قضيتُ حياتي أمقُتها؟!

      أم لعلي أردْتُ أن أقولَ له بأنني لم أنسَ تاريخك ومَنْ تكون كما نسيَك الآخرون.. فإن الحسنات يُذهبن السيئات، وأما السّيئاتُ فلا تُذْهِبُ الحسنات.. قرأتُ قبلك عن ماعِز والغامديّة وعن حاطب وعن فلان وفلان من أفاضل الناس وصالحيهم.. أردتُ أن أقول له بأنّ الجوادَ الأصيل إذا كبا لا يتحوّل إلى حمارٍ بليد!! الأصيلُ يكبو  ويعرفُ الأصلاءُ كبوته.. كما يعرفون وثبته مِن كبوته.. ولا يَستبعدون عليه استئنافَ السّباق والفوز بالرهان.

      نعم قد يخطِئ السّهمُ وينْبو  السّيفُ.. وقد تغلبُ الأمّارة ُبالسوءِ مَرّة.. إلا أن الجوهر النّفيسَ لا يعيبهُ غبارُ النار.." أما الزبد فيذهبُ جُفاء" ..

      ما أغربَ تلك الليلة تعجُّ بأضغاثِ أحلام.. ولعلها تكونُ رؤيا كاشِفة.. أم تكونُ واقعا تجرّعنا مرارته يوما ما ثم نسيناه، ومرّت الأيامُ والسّنون لتذكرنا به.. كم تكون العِصيّ مؤلمة عندما تتالى على مَوضع واحد.. ما أعظم أن يقتُلكَ مَن كنتَ تعيشُ ليحيا.. ما أحمقَ مَن  يَنْصَبُ الليل والنهار ليخدُم عَدُوّه..وما أشقى من يُثـبّتُ خَيمته بعظام رقبته!!

     ما أصعبَ أن تتخضّب بالدّموع  فيرقُص على آهاتك المقرّبون!! وما أخطرَ تلك الليلة الرّاقصة إذا ما صحا أهلُها على صَلصلةِ الحراب والسّيوفِ الحاقدة..

      نهضْتُ مِنْ نومَتي مُرتعدا وقد لفَحتْني مَوجةٌ مِن الغبار جارفةً أتبعتُها بصري وإذا بالجوادِ يَثِبُ وَثبةً شامخةً حَطمتْ سقفَ النّفقِ ليعُمّ الضّياءُ مِن جديد..

أ.د.محمد أبو زيد

5-6-2017م

أضف تعليق

نص اتفاقية التعليق


كود امني
تحديث



المرئيات

الصوتيات

ألبوم الصور

تداعت عليكم الأمم